كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



يَعْنِيَ تَصْدِيقَ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ فِيمَا إذَا ادَّعَى السِّرَايَةَ وَالْوَلِيُّ انْدِمَالًا غَيْرَ مُمْكِنٍ.
(قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ مُمْكِنًا وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَمْكَنَ انْدِمَالٌ.
(قَوْلُهُ نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيُصَدَّقُ الْجَانِي بِلَا يَمِينٍ أَيْ فِي أَرْبَعِ صُوَرٍ حَاصِلَةٍ مِنْ ضَرْبِ صُورَتَيْ ادِّعَاءِ الْوَلِيِّ انْدِمَالًا غَيْرَ مُمْكِنٍ وَادِّعَائِهِ سَبَبًا مُبْهَمًا وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ فِي صُورَتَيْ ادِّعَاءِ الْجَانِي سِرَايَةً وَادِّعَاءِ قَتْلِهِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ.
(قَوْلُهُ إذَا أَبْهَمَ) أَيْ الْوَلِيُّ سم.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمِنَ الِانْدِمَالَ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ هُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم وَقَدْ قَدَّمْنَا عِبَارَةَ الْمُغْنِي الْمُوَافِقَةَ لِمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ قَتَلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ دَعْوَى السِّرَايَةِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ قَوْلِهِ وَزَعَمَ الْجَانِي إلَى قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ أَنَّ الْجَانِيَ إمَّا يَدَّعِي السِّرَايَةَ، أَوْ قَتْلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ صُورَتَانِ وَإِنَّ الْوَلِيَّ إمَّا يَدَّعِي انْدِمَالًا مُمْكِنًا، أَوْ سَبَبًا مُعَيَّنًا أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ أَمْ لَا أَوْ سَبَبًا مُبْهَمًا وَالِانْدِمَالُ مُمْكِنٌ أَرْبَعُ صُوَرٍ يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِهَا فِي صُورَتَيْ الْجَانِي الْمَذْكُورَتَيْنِ ثَمَانِيَةُ صُوَرٍ يُصَدَّقُ فِيهَا الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ وَأَنَّ حَاصِلَ قَوْلِهِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُمْكِنْ إلَى الْمَتْنِ أَنَّ الْوَلِيَّ إمَّا يَدَّعِي انْدِمَالًا غَيْرَ مُمْكِنٍ، أَوْ سَبَبًا مُبْهَمًا وَالِانْدِمَالُ غَيْرُ مُمْكِنٍ صُورَتَانِ يَحْصُلُ مِنْ ضَرْبِهِمَا فِي صُورَتَيْ الْجَانِي الْمَارَّتَيْنِ أَرْبَعُ صُوَرٍ يُصَدَّقُ الْجَانِي فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِلَا يَمِينٍ إلَّا فِي وَاحِدَةٍ يُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينٍ وَهِيَ مَا إذَا ادَّعَى الْجَانِي قَتْلَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَالْوَلِيُّ سَبَبًا مُبْهَمًا وَالِانْدِمَالُ غَيْرُ مُمْكِنٍ.
(قَوْلُهُ كَمَا تَقَرَّرَ)، وَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ لِلْجَانِي أَنْتَ قَتَلْته بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيْك ثَلَاثُ دِيَاتٍ وَقَالَ الْجَانِي بَلْ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَعَلَيَّ دِيَةٌ وَأَمْكَنَ الِانْدِمَالُ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَتْ الثَّالِثَةُ بِحَلِفِ الْجَانِي فَحَلِفُهُ أَفَادَ سُقُوطَهَا وَحَلِفُ الْوَلِيِّ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ دِيَتَيْنِ فَلَا يُوجِبُ زِيَادَةً فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ حَلَفَ الْجَانِي عَمَلًا بِالظَّاهِرِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى (قَوْلُ الْمَتْنِ وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ إلَخْ)، وَلَوْ عَادَ الْجَانِي بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ فَقَتَلَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ حَتَّى تَلْزَمَهُ دِيَةٌ وَادَّعَى الْوَلِيُّ أَنَّهُ قَتَلَهُ بَعْدَهُ حَتَّى تَلْزَمَهُ دِيَةٌ وَنِصْفُ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِانْدِمَالِ، وَلَوْ تَنَازَعَا الْوَلِيُّ وَقَاطِعُ الْيَدَيْنِ أَوْ الْيَدِ فِي مُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ صُدِّقَ مُنْكِرُ الْإِمْكَانِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَلَوْ قَطَعَ شَخْصٌ أُصْبُعَ آخَرَ فَدَاوَى جُرْحَهُ ثُمَّ سَقَطَ الْكَفُّ فَقَالَ الْمَجْرُوحُ تَآكَلَ مِنْ الْجُرْحِ وَقَالَ الْجَانِي مِنْ الدَّوَاءِ صُدِّقَ الْمَجْرُوحُ بِيَمِينِهِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ إلَّا إنْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: إنَّ هَذَا الدَّوَاءَ يَأْكُلُ اللَّحْمَ الْحَيَّ وَالْمَيِّتَ فَيُصَدَّقُ الْجَارِحُ بِيَمِينِهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى.
(قَوْلُهُ وَمَاتَ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ.
(قَوْلُهُ سَبَبًا آخَرَ لِمَوْتِهِ إلَخْ) كَشُرْبِ سُمٍّ يَقْتُلُ فِي الْحَالِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ اخْتَلَفَ الْحُكْمُ هُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَدْ تَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ سم.
أَقُولُ بَلْ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُصَدَّقَ هُنَا أَيْ عِنْدَ الْإِمْكَانِ الْوَلِيُّ أَيْضًا وَتَقْتَضِيهِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَحَذَفَ قَيْدَ وَلَمْ يُمْكِنْ انْدِمَالٌ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ نِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ، أَوْ قَطْعُ الْيَدِ وَقَوْلُهُ كُلُّ الدِّيَةِ أَيْ أَوْ الْقَتْلُ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ) أَيْ بِيَمِينِهِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ اسْتِمْرَارُ السِّرَايَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عَدَمُ وُجُودِ سَبَبٍ آخَرَ وَقَدَّمَ هَذَا الْأَصْلَ عَلَى أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ لِتَحَقُّقِ الْجِنَايَةِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا) أَيْ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ أَنَّهُ بِالسَّرَايَةِ سم.
(قَوْلُهُ بِاَلَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ بِمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ تَصْحِيحِ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ أَنَّهُ مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ مُغْنِي وَأَسْنَى وَقَوْلُهُمَا بِشَرْطِهِ السَّابِقِ الْمُرَادُ بِهِ تَعْيِينُ السَّبَبِ مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أُجِيبَ بِأَنَّا إنَّمَا صَدَّقْنَا الْوَلِيَّ ثَمَّ مَعَ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ قَدْ اشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ ظَاهِرًا بِدِيَتَيْنِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وُجُودِ الْمُسْقِطِ لِأَحَدِهِمَا وَهُوَ السِّرَايَةُ فَكَانَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى السَّبَبِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْوَلِيُّ أَقْوَى إذْ دَعْوَاهُ قَدْ اعْتَضَدَتْ بِالْأَصْلِ وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةِ الْجَانِي. اهـ.
(قَوْلُهُ صُدِّقَ) أَيْ الْجَانِي فَيَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ ع ش.
(قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ) أَيْ فَتَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ.
(قَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ.
(وَلَوْ أَوْضَحَ مُوضِحَتَيْنِ وَرَفَعَ الْحَاجِزَ) بَيْنَهُمَا وَانْحَلَّ الْكُلُّ عَمْدًا أَوْ غَيْرَهُ (وَزَعَمَهُ) أَيْ رَفْعَهُ، الْمَفْهُومُ مِنْ رَفَعَ (قَبْلَ انْدِمَالِهِ) أَيْ الْإِيضَاحُ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا أَرْشٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَعَلَيْك ثَلَاثُ أُرُوشٍ (صُدِّقَ) الْجَانِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَلَزِمَهُ أَرْشٌ وَاحِدٌ (إنْ أَمْكَنَ) عَدَمُ الِانْدِمَالِ بِأَنْ بَعُدَ الِانْدِمَالُ عَادَةً لِقِصَرِ الزَّمَنِ بَيْنَ الْإِيضَاحِ وَالرَّفْعِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ عَدَمُ الِانْدِمَالِ حِينَ رَفَعَ الْحَاجِزَ بِأَنْ أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ أَيْ قَرُبَ احْتِمَالُهُ لِطُولِ الزَّمَنِ (حَلَفَ الْجَرِيحُ) أَنَّهُ بَعُدَ الِانْدِمَالُ وَاسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الْمَتْنَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ مِنْ تَصْدِيقِ الْوَلِيِّ وَالثَّانِي لَا مَعْنَى لِلْحَلِفِ فِيهِ فَكَانَ يَنْبَغِي تَصْدِيقُهُ بِلَا يَمِينٍ وَوُجُوبُ أَرْشٍ ثَالِثٍ قَطْعًا وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُمَا هُنَا اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِ رَفْعِ الْحَاجِزِ الصَّالِحِ لِرَفْعِ الْأَرْشَيْنِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِهِ فَنَظَرُوا لِلظَّاهِرِ فِيهِ وَصَدَّقُوا الْجَانِيَ عِنْدَ قِصَرِ الزَّمَنِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِالِاتِّفَاقِ وَالظَّاهِرِ الْمَذْكُورَيْنِ وَأَمَّا ثَمَّ فَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وُقُوعِ شَيْءٍ بَلْ تَنَازَعَا وُقُوعَ السِّرَايَةِ وَفِي وُقُوعِ الِانْدِمَالِ فَنَظَرُوا لِقُوَّةِ جَانِبِ الْوَلِيِّ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ مُوجِبِ الدِّيَتَيْنِ وَعَدَمُ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى وُقُوعِ مَا يَصْلُحُ لِرَفْعِهِ فَإِنْ قُلْت قَدْ اتَّفَقَا ثَمَّ عَلَى وُقُوعِ الْمَوْتِ، وَهُوَ صَالِحٌ لِرَفْعِهِ قُلْت زَعْمُ صَلَاحِيَّةِ الْمَوْتِ لِرَفْعِهِ مَمْنُوعٌ وَإِنَّمَا الصَّالِحُ السِّرَايَةُ مِنْ الْجُرْحِ الْمُتَوَلِّدِ عَنْهَا الْمَوْتُ وَهَذَا لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وُقُوعِهِ أَصْلًا فَاتَّضَحَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَانِيَ هُنَا هُوَ الَّذِي قَوِيَ جَانِبُهُ وَالْوَلِيُّ ثَمَّ هُوَ الَّذِي قَوِيَ جَانِبُهُ فَأَعْطَوْا كُلًّا حُكْمَهُ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي حَلِّ الْمَتْنِ بِالْإِمْكَانِ وَعَدَمِهِ هُنَا الْإِمْكَانُ الْقَرِيبُ عَادَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ السَّابِقِ لِقِصَرِ الزَّمَنِ وَطُولِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُوضِحَةَ قَدْ يَقَعُ خَتْمُ ظَاهِرِهَا وَبَقَاءُ الْأَثَرِ فِي بَاطِنِهَا سِنِينَ لَكِنَّهُ قَرِيبٌ مَعَ قِصَرِ الزَّمَنِ وَبَعِيدٌ مَعَ طُولِهِ فَوَجَبَتْ الْيَمِينُ لِذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ ذَاكَ مَعْرُوضٌ فِي انْدِمَالٍ أَحَالَتْهُ الْعَادَةُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِمْ بِادِّعَاءِ وُقُوعِهِ فِي قَطْعِ يَدَيْنِ أَوْ رِجْلَيْنِ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَهَذَا مُحَالٌ عَادَةً فَلَمْ تَجِبْ يَمِينٌ وَأَمَّا فَرْضُ مَسْأَلَتِنَا فَهُوَ فِي مُوضِحَتَيْنِ وَقَعَتَا مِنْهُ ثُمَّ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا وَقَعَ مِنْهُ رَفْعٌ لِلْحَاجِزِ فَبَقَاؤُهُمَا بِلَا انْدِمَالٍ ذَلِكَ الزَّمَنَ بَعِيدٌ عَادَةً وَلَيْسَ بِمُسْتَحِيلٍ فَاحْتِيجَ لِيَمِينِ الْجَرِيحِ حِينَئِذٍ لِإِمْكَانِ عَدَمِ الِانْدِمَالِ، وَإِنْ بَعُدَ (وَثَبَتَ لَهُ أَرْشَانِ) وَيَمِينُهُ إنَّمَا قَصَدَ بِهَا مَنْعَ النَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ فَلَا تَصْلُحُ لِإِيجَابِ الثَّالِثِ وَلَهُ نَظَائِرُ مِنْهَا مَا لَوْ تَنَازَعَا فِي قِدَمِ عَيْبٍ، وَحَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ حَادِثٌ ثُمَّ وَقَعَ الْفَسْخُ فَأَرَادَ أَرْشَ مَا ثَبَتَ بِيَمِينِهِ حُدُوثَهُ لِإِيجَابٍ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ صَلَحَ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا يَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي (قِيلَ وَثَالِثٌ) عَمَلًا بِقَضِيَّةِ يَمِينِهِ.
تَنْبِيهٌ:
قَضِيَّةُ الْمَتْنِ أَنَّ الْجَانِيَ فِي هَذِهِ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ لَابُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَحِينَئِذٍ فَحَلِفُهُ أَفَادَ سُقُوطَ الثَّالِثِ وَحَلَفَ لِجَرِيحٍ أَفَادَ دَفْعَ النَّقْصِ عَنْ أَرْشَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ أَيْ قُرْبُ احْتِمَالِهِ لِطُولِ الزَّمَنِ) فَحَاصِلُ الْمُرَادِ بِعَدَمِ إمْكَانِ الِانْدِمَالِ بُعْدَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَثَبَتَ لَهُ أَرْشَانِ)، وَلَوْ رَفَعَهُ خَطَأً، أَوْ كَانَ الْإِيضَاحُ عَمْدًا، أَوْ بِالْعَكْسِ فَثَلَاثَةُ أُرُوشٍ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ وَإِنْ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قِيلَ وَثَالِثٌ لِرَفْعِ الْحَاجِزِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ الْكَائِنِ قَبْلَ الرَّفْعِ بِيَمِينِهِ مُنْحَلٌّ إلَى قَوْلِهِ بِرَفْعِهِ الْحَاجِزَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ الْكَائِنِ قَبْلُ أَوْ الْحَاصِلُ قَبْلَهُ بِيَمِينِهِ فَقَبْلُ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ م ر وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ صِفَةٌ لِلِانْدِمَالِ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ.
(قَوْلُهُ بَلْ لَابُدَّ مِنْ يَمِينِهِ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بَلْ يُتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى طَلَبِ الْمَجْنِيِّ تَحْلِيفَ الْجَانِي أَنَّهُ مَا رَفَعَهُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَنُكُولِهِ عَنْ ذَلِكَ وَيَمِينِ الرَّدِّ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَنْكُلْ الْجَانِي وَحَلَفَ لَمْ يَثْبُتْ الثَّالِثُ وَهَذِهِ الْحَالَةُ مَحْمَلُ قَوْلِ الشَّيْخَيْنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَسَقَطَ الثَّالِثُ فَالْحَاصِلُ تَصْدِيقُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْشَيْنِ وَالْجَانِي بِالنِّسْبَةِ لِلثَّالِثِ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَرَفَعَ الْحَاجِزَ إلَخْ)، وَلَوْ قَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَنَا رَفَعْته، أَوْ رَفَعَهُ آخَرُ وَقَالَ الْجَانِي بَلْ أَنَا رَفَعْته، أَوْ ارْتَفَعَ بِالسِّرَايَةِ صُدِّقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوضِحَتَيْنِ مُوجِبَتَانِ أَرْشَيْنِ فَالظَّاهِرُ ثُبُوتُهُمَا وَاسْتِمْرَارُهُمَا فَإِنْ قَالَ الْجَانِي لَمْ أُوضِحْ إلَّا وَاحِدَةً وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ أَوْضَحْت مُوضِحَتَيْنِ وَأَنَا رَفَعْت الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي الزِّيَادَةَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى.
(قَوْلُهُ بَيْنَهُمَا) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَاتَّحَدَ الْكُلُّ عَمْدًا إلَخْ)، وَلَوْ رَفَعَهُ خَطَأً وَكَانَ الْإِيضَاحُ عَمْدًا، أَوْ بِالْعَكْسِ فَثَلَاثُ أُرُوشٍ كَمَا اقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحَهُ، وَإِنْ وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ خِلَافُهُ شَرْحُ م ر سم.
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ مِنْ شِبْهِ عَمْدٍ، أَوْ خَطَأٍ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَيْ رَفْعُهُ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ بَلْ بَعْدَهُ) أَيْ بَلْ الرَّفْعُ بَعْدَ الِانْدِمَالِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ) أَيْ الْجَانِي.
(قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ رَفْعَ الْحَاجِزِ.
(قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) أَقُولُ لَا تُشْكِلُ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ بِمَا ذَكَرَهُ؛ لِأَنَّهَا مُصَوَّرَةٌ بِقِصَرِ الزَّمَنِ وَنَظِيرُهَا فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِأَنَّ قِصَرَ الزَّمَنِ يُصَدَّقُ فِيهِ الْجَانِي أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا هُنَا فِي الْإِمْكَانِ بَيْنَ الْقَرِيبِ فَصَدَّقُوا مَعَهُ الْجَانِيَ وَبَيْنَ الْبَعِيدِ فَصَدَّقُوا مَعَهُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ نَظِيرُ الْوَلِيِّ ثَمَّ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا هُنَاكَ فِي الْإِمْكَانِ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ بَلْ قَالُوا حَيْثُ أَمْكَنَ بِصِدْقِ الْوَلِيِّ، وَالْجَوَابُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ اعْلَمْ أَنَّ مَبْنَى الْإِيرَادِ وَالْجَوَابِ أَنَّ الَّذِي صُدِّقَ فِيهِ الْجَانِي هُنَا دُونَ الْجَرِيحِ الَّذِي بِمَنْزِلَةِ الْوَلِيِّ فِيمَا مَرَّ هُوَ الَّذِي صُدِّقَ فِيهِ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي صُدِّقَ فِيهِ الْجَانِي هُنَا، وَهُوَ مَا إذَا أَمْكَنَ عَدَمُ الِانْدِمَالِ لِقِصَرِ الزَّمَنِ هُوَ الَّذِي صُدِّقَ فِيهِ فِيمَا مَرَّ، وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِانْدِمَالُ وَاَلَّذِي صُدِّقَ فِيهِ الْجَرِيحُ هُنَا، وَهُوَ مَا إذَا أَمْكَنَ الِانْدِمَالُ هُوَ الَّذِي صُدِّقَ فِيهِ الْوَلِيُّ فِيمَا مَرَّ فَالْمَسْأَلَتَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فَلَا إشْكَالَ أَصْلًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَ هُنَاكَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْوَلِيُّ وَقَدَّمَ هُنَا مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْجَانِي فِي الذِّكْرِ فَقَطْ فَتَأَمَّلْ. اهـ.